فَإِنِّي مُتَيَقِّنٌ أَنَّهُ لَا مَوْتَ وَلَا حَيَاةَ، وَلَا مَلَائِكَةَ وَلَا رُؤَسَاءَ وَلَا قُوَّاتِ، وَلَا أُمُورَ حَاضِرَةً وَلَا مُسْتَقْبَلَةً، وَلَا عُلْوَ وَلَا عُمْقَ، وَلَا خَلِيقَةَ أُخْرَى، تَقْدِرُ أَنْ تَفْصِلَنَا عَنْ مَحَبَّةِ ٱللهِ ٱلَّتِي فِي ٱلْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا.
رومية ٨: ٣٨-٣٩
يقدّم هذا القسم إجابات مُحبة وعميقة للأسئلة التي يطرحها المؤمنون من مجتمع الميم، وكذلك للمسيحيين الراغبين في فهمهم.
هذه الإجابات مستوحاة من لاهوت شامل يركّز على نعمة الله، والحرية، والمحبة غير المشروطة — لتذكير الجميع بأن لهم مكانًا في جسد المسيح.
مازلنا نعمل على هذه الصفحة
نعم، هناك بعض الآيات في الكتاب المقدس التي يُفهم منها للوهلة الأولى أنها تتحدث عن أفعال جنسية بين أشخاص من نفس الجنس، مثل في سفر اللاويين أو بعض رسائل بولس الرسول. لكن من المهم جدًا أن نقرأ هذه الآيات في سياقها التاريخي والثقافي، وليس بمعزل عن روح الإنجيل أو تطور فهمنا البشري.
في زمن كتابة الكتاب المقدس، لم تكن هناك مفاهيم مثل "الميول الجنسية" أو "الهوية الجندرية" كما نعرفها اليوم. الأفعال المثلية التي كانت تُدان في بعض النصوص، كانت في الغالب مرتبطة بالوثنية، أو بالهيمنة والإذلال، أو باستغلال القُصّر والعبيد، لا بعلاقات قائمة على الحب والاحترام المتبادل بين شخصين بالغين.
الكتاب المقدس يركّز دائمًا على جوهر العلاقة: أتقوم على المحبة والصدق والاحترام؟ أم على الاستغلال والعنف والأنانية؟ لهذا السبب، كثير من اللاهوتيين المعاصرين يرون أن الإدانة في الكتاب المقدس ليست موجّهة ضد المثلية الجنسية كهوية أو ميل، بل ضد ممارسات غير أخلاقية في سياقات معينة.
المسيحية تدعونا لنعيش في محبة وحق ونعمة. والله لا يرفض خليقته، بل يدعو الجميع لعلاقة حقيقية معه، قائمة على المحبة الصادقة.
* لمعرفة وفهم المزيد حول المثلية الجنسية والكتاب المقدس يمكنك قراءة وتحميل كُتيب "الكتاب المقدس والمثلية الجنسية: قراءة شمولية للنصوص الكتابية"
كلمة "رجس" (بالعبرية: תּוֹעֵבָה – توعيفاه) وردت في العهد القديم للإشارة إلى أشياء كثيرة، منها الأطعمة المحرّمة، والعبادات الوثنية، والممارسات الجنسية المرتبطة بتلك العبادات. كما لم يكن المقصود بها دائمًا أن الشيء مكروه بطبيعته أو خاطئ أخلاقيًا من وجهة نظر أبدية، بل غالبًا ما كان تعبيرًا دينيًا عن ما يجعل الشعب منفصلًا أو مميزًا عن باقي الأمم، بحسب الشريعة القديمة.
على سبيل المثال، أكل لحم الخنزير أو خلط أنواع معينة من الأقمشة كان يُعد "رجسًا"، لكننا لا نعتبر هذه الأمور اليوم خطية، لأننا لا نعيش تحت نفس الناموس.
عندما يُستخدم هذا المصطلح في سياق الممارسات الجنسية، مثل "لا تضاجع ذكرًا مضاجعة امرأة. إنه رجس." (لاويين ١٨: ٢٢)، فهو لا يشير إلى المثليين كما نفهمهم اليوم، بل إلى ممارسات كانت مرتبطة إما بالعبادات الوثنية أو بأنماط من العلاقات غير الأخلاقية في سياق الهيمنة أو الإذلال أو الإستغلال.
علاوة على ذلك، الله لا يكره، كما إنه لا يغضب من البشر بسبب هويتهم أو ميولهم. بل في يسوع المسيح، نرى الله الذي أحب العالم كله محبة عظيمة تجلت في التجسُد والصليب، ودعا الجميع إلى حياة النعمة والقبول والتجديد.
وردت قصة سدوم وعمورة في سفر التكوين (الأصحاح ١٩)، وغالبًا ما تُستخدم لإدانة المثلية الجنسية. لكن عند قراءة النص بعناية، نجد أن الخطية الأساسية في هذه القصة لم تكن "المثلية الجنسية" كما نفهمها اليوم، بل كانت عنفًا، وإهانة، واستغلالًا جنسيًا جماعيًا –نوعًا من الاغتصاب الجماعي– يُستخدم كأداة لإذلال الغرباء.
في سياق العالم القديم، كان استغلال الرجال جنسيًا –خاصة الغرباء– وسيلة لإظهار السيطرة والهيمنة. ما طلبه رجال المدينة لم يكن تعبيرًا عن رغبة جنسية بين شخصين متساويين في علاقة حب، بل كان محاولة لإذلال ضيوف لوط.
وقد فسّر الكتاب المقدس نفسه خطية سدوم في أماكن أخرى، مثل حزقيال ٤٩: ١٦، حيث يقول:
"هوذا كان ذنب سدوم أختك: الكبرياء، والشبع من الخبز، ووفرة الراحة كان لها ولبناتها، ولم تُشدِّد يد الفقير والمسكين."
وهذا يبيّن أن خطية سدوم كانت الكبرياء، الإهمال، والظلم الاجتماعي، لا الميول الجنسية.
إذن، استخدام قصة سدوم وعمورة لإدانة المثليين اليوم لا يستند إلى فهم دقيق للنص، ولا يعكس روح العدل والرحمة التي دعا إليها المسيح.
* لمعرفة المزيد حول قصة سدوم وعمورة وعلاقتهم بالمثلية الجنسية يمكنك قراءة وتحميل كُتيب "المثلية والكتاب المقدس" على موقعنا.
في رسائل بولس، هناك إشارات قليلة تُفهم أحيانًا على أنها تتعلق بالمثلية الجنسية، خاصة في:
كورنثوس الأولى ٦: ٩–١٠
تيموثاوس الأولى ١: ٩–١٠
رومية ١: ٢٦–٢٧
في هذه النصوص، تُستخدم كلمات يونانية مثل "ἀρσενοκοῖται" (أرسينوكيتيه) و"μαλακοὶ" (مالاكي)، وهما مصطلحان غامضان لا توجد ترجمات دقيقة لهما. وغالبًا ما فُسّرا بطريقة تؤدي إلى إدانة المثليين، لكن هذا ليس بالضرورة ما كان بولس يقصده.
مصطلح "أرسينوكيتيه" مركّب من كلمتين تعنيان "فحل" (صيغة مختصرة من اسم Arsenios بمعنى virile) و"سرير"، وربما يشير إلى ممارسات جنسية استغلالية أو تجارية، مثل الجنس التجاري، أو استغلال العبيد أو الفتيان، أو الجنس الطقسي، لا علاقة قائمة على المساواة والمحبة بين شخصين من نفس الجنس.
أما "مالاكي"، فتعني حرفيًا "الناعمات" (غالبًا في إشارة للفتيات صغار السنّ الاتي يقعن فريسةً للاتجار في الرقيق الأبيض)، وقد تشير إلى الضعف أو الانغماس في اللذة، أو حتى الفساد الأخلاقي المرتبط بعدم الانضباط، ولا تشير بالضرورة إلى الميل الجنسي.
بالتالي، ما قصده بولس لم يكن إدانة العلاقات العاطفية أو المثلية كما نعرفها اليوم، بل ممارسات جنسية استغلالية مرتبطة بثقافة رومانية وثنية، حيث لم تكن هناك مفاهيم للهوية أو التوجه الجنسي كما نعرفها اليوم.
نحتاج إلى قراءة رسائل بولس في سياقها التاريخي والثقافي كرسائل موجهة لمجموعة من الناس تجمعهم صفات اجتماعية وثقافية محددة في وقت محدد من التاريخ، لا أن نستخدمها كأداة لإقصاء أشخاص بسبب ميولهم أو هويتهم.
* لمعرفة المزيد بتفاصيل أعمق حول المثلية الجنسية في رسائل بولس الرسول يمكنك قراءة وتحميل كُتيب "الكتاب المقدس والمثلية الجنسية: قراءة شمولية للنصوص الكتابية" على موقعنا.
لا، لم يتحدث يسوع مباشرة عن المثلية الجنسية في أيٍّ من الأناجيل الأربعة.
لكن غياب الحديث لا يعني الرفض. في الواقع، يسوع نادرًا ما تحدث عن قضايا تتعلق بالجنس أو السلوك الجنسي، وكان تركيزه الأساسي دائمًا على أمور أعمق: المحبة، الرحمة، العدالة، الإيمان، وغفران الخطايا.
وعندما واجه أشخاصًا اعتبرهم المجتمع "خطاة"، لم يدنهم، بل اقترب منهم، ورفعهم، وذكّرهم بمحبة الله، كما فعل مع المرأة الزانية، وزكا العشار، والمرأة السامرية.
من اللافت أيضًا أن يسوع مدح إيمان قائد المئة (في متى ٨ ولوقا ٧) الذي جاء يطلب شفاء غلامه المريض، رغم أن العلاقة بين القائد والغلام قد تُفهم ضمن سياق العلاقات الرومانية العاطفية. ومع ذلك، لم يسأل يسوع عن طبيعة العلاقة، ولم يُصدر حكمًا، بل مدح إيمانه وقال: "لم أجد في إسرائيل إيمانًا بمقدار هذا".
لم يكن يسوع مهتمًا بإقصاء أحد بسبب هويته أو حياته الخاصة، بل كان يسعى إلى أن يُظهر للجميع وجه الله المحب، القريب، والرحيم.
لذلك، غياب الإدانة في كلام يسوع عن المثلية، مع حضوره المستمر بين المهمّشين والمرفوضين، هو في حد ذاته رسالة قبول ومحبة.
لا، "لأن الحرف يقتل، ولكن الروح يُحيي" (٢ كو ٣: ٦)
بولس الرسول بيعلمنا "إننا نعبد الله بجدة الروح لا بعتق الحرف"، وإنه "من أجلنا مكتوب"، بمعنى إن وصايا وتعاليم الكتاب هي من أجل منفعتنا، مش لإن الله عايز يتحكم في أبناءه بلا سبب!
قراءة الكتاب المقدس ليست مجرد البحث عن نصوص تُؤيّد أو تُدين موقفًا ما، بل هي لقاء حيّ مع كلمة الله التي تُعلّمنا وتُشكّلنا في سياقنا اليومي.
لكي نقرأ الكتاب المقدس بأمانة، نحتاج أن نراعي ثلاثة أمور معًا:
١) احترام النص في سياقه الأصلي:
نفهم لمن كُتِب النص، وفي أي زمن وثقافة، وما كانت القضايا التي يتحدث عنها. فالكثير من المقاطع التي تُستخدم اليوم ضدّ المثليين مثلًا، كانت تتناول ممارسات تختلف تمامًا عن العلاقات القائمة على الحبّ والاحترام المتبادل التي نعرفها اليوم.
٢) التمييز بروح المحبة والنعمة:
يسوع علّمنا أن الشريعة والأنبياء كلهم يُختصرون في وصية المحبة: «تحبّ الرب إلهك... وتحبّ قريبك كنفسك». أي تفسير لا يقودنا إلى مزيد من المحبة والرحمة والعدل، يحتاج أن يُراجع من جديد.
٣) الانفتاح على عمل الروح في حاضرنا:
الله لم يتوقف عن الكلام. الروح القدس يعمل فينا اليوم، ويقودنا إلى فهم أعمق لمعنى الكلمة في واقعنا المتغيّر. قراءة أمينة هي تلك التي تسمح للروح أن يجدّد فهمنا ويُعلّمنا كيف نعيش الكلمة في هذا الزمان.
في النهاية، الأمانة الحقيقية للكتاب المقدس لا تعني التمسّك بالحرف، بل بالسعي لفهم روح النص — أي رسالة الله الداعية إلى الحياة، والحرية، والمحبة.
نعم، بكل تأكيد.
الإيمان بالمسيح لا يُقاس بالميل الجنسي، بل بقبول الإنسان لنعمة الله ومحبة المسيح في قلبه. الإنجيل واضح في رسالته: الجميع مدعوون إلى الحياة الجديدة في المسيح، ولا يوجد شرط جنسي أو اجتماعي أو عرقي يؤهل الإنسان أو يمنعه من الدخول في علاقة مع الله.
الرسالة المركزية للمسيح كانت دائمًا هي المحبة والنعمة والرحمة. يسوع لم يُقصِ أحدًا بسبب هويته، بل اقترب من الجميع، خصوصًا من الذين رفضهم المجتمع الديني في زمانه. وما زال يفعل ذلك اليوم.
كونك مثليًا لا يعني أنك أقل إيمانًا، أو أنك خارج دائرة محبة الله. المسيح يعرفك كما أنت، ويحبك كما أنت، ويدعوك لتسلك معه في طريق الحق والحرية والنعمة.
إذا شعرت يومًا أنك لا تستحق محبة الله بسبب ميولك، فتذكّر أن النعمة لا تُمنح للمستحقين، بل للمحتاجين. والله لا يطلب منك أن تغيّر من هويتك لكي يحبك – هو يحبك أولًا، كما أنت.
لا، لا تحتاج أن تختار. إيمانك وهويتك ليسا في صراع، بل يمكن أن يكمّلا أحدهما الآخر.
لم يخلقك الله ليضعك في مأزق. لقد خُلِقت على صورته ومثاله، بكل ما تحمله من مشاعر، وتجارب، وهوية. أن تكون مثليًا أو مثلية ليس عائقًا أمام محبة الله، ولا يتعارض مع دعوتك لتكون تلميذًا للمسيح.
كثير من الأشخاص من مجتمع الميم وجدوا أن قبولهم لهويتهم الجنسية هو جزء من رحلتهم الروحية ونموهم في المسيح. عندما يتوقفون عن محاربة أنفسهم، يبدأون باختبار سلام داخلي أعمق، وإيمان أكثر صدقًا.
يدعونا الله لأن نعيش في النور، لا في الخوف. والإيمان الحقيقي لا يُبنى على الإنكار أو القمع، بل على الصدق والحرية. يسوع قال: "تعرفون الحق، والحق يحرركم". وهذا يشمل أيضًا الحق عن أنفسنا.
الله قادر على كل شيء، لكن هذا لا يعني أنه سيغيّر كل شيء فينا فقط لأننا نطلب. كثير من الأشخاص المثليين ومن مجتمع الميم صلّوا لسنين طويلة بدموع، وطلبوا من الله أن "يغيّرهم"، لا لأنهم أرادوا حقًا التغيير من أجل إتمام مشيئة الله فيهم، بل لأنهم تعلّموا أن يرفضوا أنفسهم، وخافوا من رفض المجتمع والكنيسة والأسرة. لكن الله لا يعمل تحت ضغط الخوف أو الكراهية للذات. هو يحبك كما أنت، وقد خلقك بهذا القلب وهذا الميل، ويعرفك أكثر مما تعرف نفسك.
الميول الجنسية ليست مرضًا أو عيبًا يحتاج إلى "شفاء"، بل هي جزء طبيعي من تنوع الخليقة. لم يُظهِر يسوع في تعاليمه أو أفعاله أي دعوة لتغيير ميول الناس، بل كان دائمًا يركّز على المحبة، الحق، والنعمة.
الصلاة الحقيقية ليست محاولة لإقناع الله أن يغيّرنا كي نصير "مقبولين"، بل هي مساحة صادقة نسمح له فيها أن يُظهر لنا أننا محبوبون أصلًا، كما نحن. وإذا كان التغيير سيأتي، فسيكون تغييرًا في عمق نظرتنا لأنفسنا، من الخزي إلى القبول، من الخوف إلى الحرية.
الإيمان لا يُقاس بمدى قدرتك على تغيير ميولك، بل بمدى ثقتك في محبة الله غير المشروطة لك. وتسليم قلبك وحياتك وحيرتك أو تساؤلاتك له. والله لا ينتظر منك أن تصير شخصًا مختلفًا حتى يحبك… هو يحبك الآن، تمامًا كما أنت.
الله ليس غاضبًا منك لأنك مثلي، لأن المثلية ليست خطية. الله لا يغضب مِن مَن أنت، بل يحبك بعمق، ويعرفك معرفة كاملة. وجودك كمثلي أو مثلية ليس عيبًا يحتاج إلى إصلاح، ولا أمرًا يثير انزعاج الله، بل هو جزء من التنوع الغني الذي أودعه الله في خليقته.
في بعض الأحيان، نخلط بين مشاعر الخزي التي نُربّى عليها، أو ما نسمعه من بعض القيادات الدينية، وبين صوت الله. لكن الله لا يُدين أولاده بسبب هويتهم. هو ليس إلهًا سريع الغضب تجاه من يسعون إليه بمحبة وأمانة. بالعكس، الإنجيل يُظهر لنا إلهًا يقترب من المهمَّشين، ويشفي المجروحين، ويقف إلى جانب من رُفضوا من المجتمع والدين.
أما أسلوب الحياة، فالله لم يحدد لنا طريقة واحدة مثالية لنعيش بها أو نظام تشغيل للبشرية! فالله يهتم بمحبة القلب، بالصدق، بالرحمة، بالعدل. إذا كنت تعيش حياتك بمحبة، بأمانة، وتسعى للخير، فالله لا ينزعج منك. الله لا يقيّم حياتنا بناءً على ميولنا الجنسية، أو أسلوب حياتنا، بل على المحبة التي نعيش بها.
الخوف من غضب الله لا يأتي من الروح القدس، بل من صور مشوّهة لله. لأن الله يعاملنا كأبناء لا كعبيد. الإيمان الحقيقي يبدأ عندما ندرك أننا محبوبون، لا مرفوضون. وأن الله لا يبحث عن الكمال، بل عن القلوب المنفتحة له.
عندما تشعر بالخزي أو بالخوف من الله، تذكر دائمًا قصة الإبن الضال (لوقا ١٥)، وكيف استقبله أبوه بمنتهى المحبة والرعاية.
أنت لست مرفوضًا. لست موضع غضب. بل محبوب… إنك محاط بالنعمة، ومدعوّ لأن تعيش حريتك في المسيح بثقة وفرح.
علاقتك بالله لا تُبنى على قبول الناس لك، بل على محبّة الله الثابتة التي لا تتغيّر. الشعور بالرفض أو الصراع لا يعني أن الله بعيد عنك، بل يمكن أن يكون مكانًا ينمو فيه الإيمان بعمق أكبر.
تذكّر أن الله يعرفك بالكامل — بهويتك، ومشاعرك، وتجربتك — ويحبك كما أنت. علاقتك به لا تقوم على الكمال، بل على الصدق والاتصال الدائم. عندما تشعر بالرفض، عد إلى يسوع الذي رُفض هو أيضًا من الناس، ومع ذلك ظلّ أمينًا للمحبّة.
مارس علاقتك بالله ببساطة: صلِّ كما أنت، اقرأ الكتاب المقدس بعين تبحث عن النعمة لا عن الإدانة، وارتبط بأصدقاء ومؤمنين يقبلونك ويشجّعونك في رحلتك الروحية.
الله لا يطلب منك أن تختار بين هويتك وإيمانك — لأن كليهما جزء من الخليقة التي صنعها الله بحب.
نعم، لك هذا الحق. فالله خلقنا لعلاقات قائمة على المحبة، والرعاية المتبادلة، والصدق. العلاقة العاطفية التي تقوم على الاحترام، والالتزام، والنعمة، ليست أمرًا مرفوضًا عند الله، بل يمكن أن تكون وسيلة للنمو، والشفاء، وتجسيد محبة الله في حياتنا.
جميع النصوص التي يُقال إنها ترفض العلاقات بين أشخاص من نفس الجنس لا تتحدث عن علاقات قائمة على المحبة، بل عن ممارسات استغلالية، أو مرتبطة بالعبادة الوثنية، أو تعبير عن الهيمنة والإذلال. لكن العلاقة العاطفية الصحية بين شخصين من نفس الجنس –علاقة فيها تضحية، وصدق، وشركة روحية وإنسانية– ليست مُدانة في نظر الله.
الله يهتم بثمرة العلاقة، لا بهوية أطرافها. يسوع نفسه لم يضع شروطًا لمن يستحق أن يُحب أو يُقبَل، بل كان قلبه مفتوحًا دائمًا لكل من يسعى نحو الله بالحق.
كلا، الجنس المثلي في حد ذاته ليس شريرًا ولا نجسًا. ما يجعل العِلاقة الجنسية جيدة أو غير جيدة لا يرتبط بجنس الشريكين، بل بطبيعة العِلاقة، ونيّة القلب، والاحترام، والصدق، والمحبة المتبادلة.
الكتاب المقدس لا يُدين بشكل واضح ومحَدَّد العلاقات الجنسية المتبادلة بالحب بين أشخاص من نفس الجنس. النصوص التي يُستند إليها عادةً تتحدث عن ممارسات استغلالية أو وثنية أو غير أخلاقية، ولا يمكن تعميمها على كل عِلاقة بين شخصين مثليين.
في نظرة المسيحية الأصيلة، الجسد ليس نجسًا، والجنس ليس أمرًا شريرًا. بل هو عطية من الله، خُلِق ليكون وسيلة للتعبير عن المحبة، والارتباط، والحميمية بين شخصين. عندما يُمارَس الجنس في عِلاقة مبنية على الالتزام، والاحترام، والرعاية، فهو ليس نجسًا، سواء كان بين رجل وامرأة أو بين شخصين من نفس الجنس.
اللاهوت الشامل (inclusive theology) يؤمن أن الله ينظر إلى القلب، إلى الأمانة والصدق في العِلاقة، وليس إلى شكلها الخارجي أو تصنيفها المجتمعي.
النعمة لا تُفرَض بشروط جنسية، والمحبة لا تُحدَّد بهوية الشريك، بل بروح العِلاقة. وكما قال يسوع: "من ثمارهم تعرفونهم" – فهل العلاقة تُثمر سلامًا؟ أمانًا؟ رعايةً؟ التزامًا؟ إذا كانت كذلك، فهي بالتأكيد ليست شرًا، بل نعمة.
لا، أنت لا تُخاطر بخلاصك لمجرد أنك مثلي، أو لأنك تعيش في عِلاقة مثلية تقوم على المحبة، والصدق، والالتزام. الخلاص في الإيمان المسيحي لا يُبنى على ميول الإنسان الجنسية، بل على نعمة الله في يسوع المسيح، وعلى الإيمان الحي العامل بالمحبة.
الكتاب المقدس يعلّم أن الخلاص هو عطية مجانية، لا تُكتسب بالأعمال أو بالالتزام الحرفي بالناموس، بل تُقبَل بالإيمان. يقول بولس الرسول:
"لأنكم بالنعمة مخلّصون، بالإيمان، وذلك ليس منكم، هو عطية الله، ليس من أعمال كيلا يفتخر أحد." (أفسس ٢: ٨–٩)
الخوف من "فقدان الخلاص" بسبب ميولك أو هويتك لا يأتي من روح المسيح، بل من تعليم بشري مشوَّه يضع شروطًا على النعمة التي أعلنها المسيح للجميع. يسوع لم يأتِ ليُقصي، بل ليخلّص. هو قال:
"من يُقبل إليّ لا أُخرجه خارجًا." (يوحنا ٦: ٣٧)
إذا كنت تعيش علاقة تقوم على المحبة، والرعاية، والصدق، والاحترام، فأنت لا تعيش في "خطيئة تُبعِدك عن الله"، بل تسلك طريقًا بشريًا مليئًا بالتحديات، مثل كل البشر، مدعوًّا إلى النمو في النعمة والإيمان.
الله لا يبحث عن الكمال، بل عن القلوب الصادقة. ومحبته لا تُلغى بهويتك، بل تحتضنك كما أنت، لتقودك إلى حياة ملؤها السلام، والحرية، والنعمة.
العلاقات المثلية –عندما تقوم على المحبة الحقيقية، والالتزام، والاحترام، والصدق– يمكن أن تعكس محبة المسيح مثلها مثل أي عِلاقة أخرى.
محبة المسيح ليست حكرًا على شكل واحد من العلاقات. بل هي محبة غير مشروطة، تُعطي، وتحتضن، وتغفر، وتبني الآخر. يقول الكتاب:
"المحبة تتأنى وترفق، المحبة لا تحسد، المحبة لا تتفاخر ولا تنتفخ... المحبة لا تسقط أبدًا."
(١ كورنثوس ١٣: ٤–٨)
عندما يعيش شخصان من نفس الجنس عِلاقة تقوم على هذه المحبة – التي تعكس تواضع المسيح، وحنانه، وصدق التزامه – فهم يجسّدون أثمن ما هو في الإيمان المسيحي: المحبة التي تُشبه قلب الله.
ليست طبيعة العِلاقة (مثلية أو غيرية) هي ما يحدد ما إذا كانت مقدسة أو لا، بل نوعية العِلاقة، وعمق المحبة فيها. المحبة الحقيقية دائمًا تعكس المسيح، لأنها من الله:
"كل من يحب فقد وُلد من الله ويعرف الله." (١ يوحنا ٤: ٧)
الله لا ينظر إلى الجندر أو الشكل الخارجي، بل إلى القلب. وإن وُجد في العلاقة إخلاص، ورحمة، وغفران، وسعي لنمو الطرفين في النعمة، فهي بالتأكيد علاقة قادرة على إظهار محبة المسيح.
نعم، يمكن أن يكون مقدسًا.
الزواج في نظر الله لا يتعلق فقط بجنس الطرفين، بل بجوهر العلاقة: المحبة، الالتزام، الأمانة، والرغبة في النمو الروحي المشترك. عندما يحب شخصان بعضهما بمحبة صادقة، ويكرّسان حياتهما لبعض في علاقة قائمة على العطاء، والاحترام، والرعاية، فإن هذه العلاقة تعكس قلب الله، بغض النظر عن جنسهما.
وبالفعل، الكثير من الكنائس اليوم تعترف بأن الزواج بين شخصين من نفس الجنس يمكن أن يكون جزءًا من الدعوة المسيحية. هم يرون أن الله لا يُقصي، بل يدعو الجميع إلى علاقة تعكس نعمته.
الزواج المثلي لا ينتقص من قدسية الزواج، بل يؤكّد أن محبة الله تشمل الجميع. والله لا يطلب من الإنسان أن يعيش وحيدًا، بل أن يجد من يشاركه الحياة في حب حقيقي ومفتوح على النعمة.
الإيمان المسيحي لا يركّز أولًا على شكل العلاقة، بل على روحها ومضمونها. المبدأ الأخلاقي الأهم هو المحبّة المسؤولة — أي علاقة قائمة على الصدق، والاحترام، والإخلاص، والحرية المتبادلة.
العلاقة التي تُعبّر عن محبّة صادقة، لا تستغل الآخر، ولا تُشوّه صورة الله في الإنسان، هي علاقة تُعبّر عن حضور الله في الجسد.
الهدف ليس مجرّد ضبط السلوك، بل أن تعكس علاقتنا الجنسية قيم ملكوت الله: الأمان، والصدق، والمساواة، والعطاء المتبادل.
بهذا المعنى، الإيمان لا يضع قائمة محظورات بقدر ما يقدّم مبدأً إيجابيًا: أن نُحبّ كما أحبّ المسيح — بمحبة نقيّة، تُكرّم الجسد وتُقدّس الإنسان.
لا، شعورك بعدم الراحة في جسدك، أو هويتك الجندرية كعابر أو عابرة، لا يعني أنك ترفض مشيئة الله أو إرادته. بل يعني ببساطة أنك في رحلة لاكتشاف نفسك بصدق، ومحاولة أن تعيش في انسجام داخلي وسلام مع جسدك وهويتك. فالله لم يخلق رجال ونساء متوافقين الجندر فقط، بالمفهوم التقليدي الشائع؛ الله خلق الجميع، بكل أختلافاتهم، وكل خليقة الله مقدسة وكريمة.
أيضًا، الله لا يغضب من الأسئلة العميقة أو من الألم الناتج عن الصراع الداخلي، ومحاولة فهم ذواتنا الحقيقية. بالعكس، هو يتفهم ذلك تمامًا، هو يقترب من المتألّمين، ويحتضن الذين يشعرون بالتيه أو القلق أو عدم الانتماء. الكتاب المقدس يقول:
"قريبٌ هو الرب من المنكسري القلوب، ويخلّص المنسحقي الروح." (مزمور ٣٤: ١٨)
الله خلقك بالكامل، بهويتك العميقة، وبقلبك وروحك، وهو لا يخطئ في محبته. إذا كان تغيير جسدك أو تعبيرك الجندري هو ما يساعدك على أن تعيش بأمانة لما في داخلك، فالله لا يرفضك بسبب ذلك. هو لا يطلب منا أن نعيش في ألم أو تمزق نفسي دائم، بل أن نحيا في الحق والنعمة والحرية.
الخضوع لمشيئة الله لا يعني إنكار الذات أو قمعها، بل أن نحيا بحسب الحق الذي وضعه الله فينا، وأن نتبع المسيح بصدق، من داخل واقعنا الحقيقي.
الله يعرفك بالكامل، ويحبك بالكامل، ويدعوك أن تسير معه كما أنت، لا كما يتوقع الآخرون منك أن تكون.
الرفض مؤلم، خاصة لما ييجي من أقرب الناس. لكن مهم تعرف/ي إن قيمتك ما بتيجيش من رضا الآخرين، حتى لو كانوا أهلك أو قادتك الروحيين – قيمتك بتيجي من الله، اللي خلقك على صورته، وبيحبك حب غير مشروط.
لو اتعرضت للرفض، حاول/ي تفتكر/ي الآتي:
مشكلتهم مش فيك، لكن في فهمهم المحدود. في ناس كتير اتربوا على تعليم قاسي أو مشوّه عن المثلية، سواء ديني أو مجتمعي، وده بيخليهم يتصرفوا بخوف وغضب بدل المحبة.
أنت مش لوحدك. فيه ناس كتير بيؤمنوا بيسوع وبيحبوا الله، وفي نفس الوقت هم مثليين أو كوير. ممكن تلاقي دعم في أماكن ومع ناس غير اللي كنت متعود/ة عليها.
اختار/ي وقتك المناسب وحدودك. مش دايمًا لازم تشرح/ي أو تدافع/ي عن نفسك. في أوقات بتكون السلامة النفسية أهم من الجدال أو المواجهة. بل أحيانًا المواجهة ممكن تكون خطيرة، وتحطنا في ظروف صعبة وألم كان ممكن نتفاداه.
صلّي واطلب/ي حكمة. الله قادر يديك قوة، ويدّي الآخرين نور علشان يفهموا. أوقات التغيير بياخد وقت. لكن عن تجربة، الصلاة فعالة جدًا.
وأخيرًا، تذكّر/ي إن يسوع نفسه اتعرض للرفض من اللي حواليه، لكنه ما سابش رسالته، ولا شكّك في هويته. هو معاك، وبيفهم ألمك، وبيمشي معاك الطريق خطوة بخطوة.
لنا ملجأ أخير وأساسي في أبينا الذي في السموات. فهو يرى ويسمع معاناتنا، ويقدر يستجيب لصلواتنا بإعطاء السند، والحكمة في الردود والتصرفات.
إذا محتاج إرشاد، أو مجرد إنك تتكلم، تقتدر تتواصل معانا على الإيميل: contact@theopenheartqci.org هنكون سعداء إننا نساندك.
وجودك كمثلي/ة أو كوير داخل الكنيسة مش عثرة، بل شهادة حية على نعمة الله وقبوله للجميع. العثرة الحقيقية مش في وجودك، لكن في القلوب اللي بترفض تشوف محبة الله بتتجلى في كل إنسان بيعبده بإخلاص.
المسيح دعا الجميع، وشارك الأكل والشرب مع أشخاص اترفضوا من المجتمع الديني في زمانه. لم يطلب منهم أن يتخفّوا أو يتظاهروا بأنهم أشخاص آخرين غير ذواتهم الحقيقية، بل منحهم كرامة الحضور الكامل، والصوت، والمشاركة.
كونك مثلي/ة ومؤمن/ة لا يعني أنك لازم "تخفي نفسك" أو تتظاهر بأنك شخص آخر علشان تريح غيرك. المحبة لا تطلب من الناس أن يختفوا، بل أن يكونوا صادقين، وأن يعيشوا في النور، بسلام داخلي، وحرية روحية.
المسيح قال:
"أنتم نور العالم... فلا توقد سراجًا وتوضعه تحت المكيال بل على المنارة" (متى ٥: ١٤–١٥).
مش دورك تطفي نورك علشان غيرك مش مرتاح له. بل دورنا كلنا ككنيسة أن نفتح عيوننا ونوسّع قلوبنا علشان نعيش مع بعض كجسد واحد في المسيح، مختلفين، لكن متحدين بالمحبة.
في الوقت اللي أنت حريص فيه على أمانك الشخصي عشان ماتتعرضش لأي نوع من الأذى، أستغل/ي بردو المساحات الروحية اللي تحس إنها آمنة، وإنك مرتاح تكون ذاتك الحقيقية.
نعم، وبكل تأكيد.
الله لا يُقصي أحدًا من دعوته. في كل الكتاب المقدس، نلاقي إن الله دايمًا بيختار الناس من خلفيات مختلفة، بظروفهم، بضعفهم، وبتميّزهم، وبيستخدمهم لأعمال عظيمة. الدعوة للخدمة لا تُبنى على الهوية الجنسية، لكن على القلب المُحب، والنية الصادقة، والاستعداد للسير مع الله.
كونك كوير، من مجتمع الميم، أو من أي أقلية تانية مُهمشة، لا ينفي أبدًا إمكانية دعوتك للخدمة. بالعكس، اختباراتك الشخصية، وصراعاتك، وشهادتك، تقدر تكون بركة حقيقية للآخرين. أنت تقدر تكون صوت نعمة وأمل للناس اللي مش لاقية نفسها في الكنيسة.
الله مش بيختار حسب المقاييس البشرية، لكنه بينظر إلى القلب.
كما قال الرب لصموئيل:
"لأَنَّ ٱلْإِنْسَانَ يَنْظُرُ إِلَى ٱلْعَيْنَيْنِ، وَأَمَّا ٱلرَّبُّ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ إِلَى ٱلْقَلْبِ" (١ صموئيل ١٦: ٧).
وفي يسوع المسيح، كلنا مدعوّين نكون شهودًا لعمل النعمة. لا يوجد في جسد المسيح أعضاء ثانوية أو مهمَّشة. بل "الروح يقسّم لكل واحدٍ بمفرده كما يشاء" (١ كورنثوس ١٢: ١١).
كمان، التاريخ بيحكيلنا عن قديسين وشهداء كتير كوير (مثليين، وترانس)، حتى من التقليد القبطي مش بس العالمي.
فإن كنت تشعر أن الله يدعوك، فاستمع لصوته، وامضِ في طريق الخدمة بثقة. لأنه نعم، الله يستخدم أشخاص زيك تمامًا — وأشخاص زيك بيصنعوا فرق حقيقي في الكنيسة والعالم.
العبارة "نحب الخاطئ ونكره الخطية" تُقال أحيانًا بنية طيبة، لكنها في الواقع تُستخدم في كثير من الأحيان كوسيلة لرفض الأشخاص الكوير، دون الاعتراف بكرامتهم الكاملة وهويتهم المتكاملة في المسيح. المشكلة هنا أن الكنيسة (متمثلة في قادتها الدينيين) أحيانًا تفصل بين الإنسان وميوله أو هويته، وتتعامل مع جزء منه على أنه "خطية"، مما يجعل "المحبة" التي تُقدَّم له مشروطة ولا تشبه محبة المسيح.
لكن المسيح لم يحب الناس بالطريقة المشروطة. لم يقل لأي شخص: "أحبك، لكن لازم تغير من نفسك عشان تقعد معايا." بل كان يقبل الناس، يلمسهم، يسمعهم، ويجلس معهم قبل أن يطلب منهم أي تغيير.
التمييز ضد الأشخاص المثليين –سواء بالرفض الصريح أو بالتهميش الصامت– لا يُمكن تبريره بالإيمان أو بمحبة الله. لأن الإيمان الحقيقي والمحبة الحقيقية لا تطرد، لا تُقصي، ولا تُشعر الآخر بالخزي.
الرسول يوحنا قال:
"المحبة الكاملة تطرح الخوف إلى خارج" (١ يوحنا ٤: ١٨)
فإزاي تُقصي المحبة أي حد عن بيت الله بسبب هويته، أيًا كانت؟
القادة الدينيين اللي بيرفضوا المثليين بشكل مباشر أو غير مباشر، أو بيحرموهم من ممارسة حياتهم الروحية داخل الكنيسة، محتاجين يراجعوا نفسهم أمام محبة المسيح. لأن يسوع نفسه قال:
"من يُقبل إليّ لا أُخرجه خارجًا" (يوحنا ٦: ٣٧)
وإذا كان هو لا يُقصي أحدًا، فكيف نقبل أن الكنيسة –جسده على الأرض– تفعل ذلك؟
المحبة التي تهمّش ليست محبة. والمسيح يدعونا لمحبّة تُشبهه: محبة تقبل، وتحتضن، وتُحرّر.
لفترة طويلة، كانت بعض الكنائس بتعتقد أن المثلية الجنسية هي مرض أو انحراف، وبالتالي كانت ترى أن الشفاء منها ممكن بل وضروري. هذه النظرة لم تكن مبنية على فهم صحيح للعلم أو اللاهوت، بل على خوف، وجهل، وتأثيرات ثقافية واجتماعية معينة.
لكن الواقع أن أغلب المنظمات المسيحية التي روّجت لفكرة "شفاء المثليين" أو ما يُعرف بـ"العلاج التحويلي" بالفعل تراجعت عن التعليم دة، واعترفت بأن اللي كانت بتعمله كان سبب في أذى نفسي وروحي كبير. كتير من الناس اللي خضعوا لبرامج العلاج التحويلي أو "التعافي من المثلية" ،سواء في مصر أو المهجر، عانوا من الاكتئاب، والقلق، وفقدان الثقة في النفس وفي الله. بعضهم حتى فقد إيمانه بالكامل. وبعضهم قرروا ينهوا حياتهم.
الهوية الجنسية المثلية أو المزدوجة، أو اختلاف الهوية الجندرية مش مرض، كل المؤسسات العلمية المتخصصة وصلت للاستنتاج دة من سنين. والمثلية ليست شيء يُشفى منه. بل هي جزء طبيعي من تنوع البشر، والله لا يطلب منك أن تُنكر من أنت لتكون مقبولًا لديه.
الشفاء الحقيقي لا يعني أن تتغير، بل أن تقبل نفسك كما خلقك الله، وأن تتحرر من الشعور بالخزي والرفض، وتعيش في محبته الكاملة فائقة المعرفة.
لا، هذا اعتقاد خاطئ، شائع لكنه غير صحيح.
الميول الجنسية ليست نتيجة لصدمات أو تجارب سابقة، بل هي جزء طبيعي من تنوع الخَلق الإنساني. العلم يؤكد أن المثلية ليست اضطرابًا نفسيًا ولا نتيجة لأذى في الطفولة، بل هي تنوع بشري طبيعي، مثل اختلاف الألوان أو الصفات الشخصية.
بعض الأشخاص المثليين – مثل غيرهم – قد يكونون مرّوا بصعوبات في الطفولة، لكن هذا لا يعني أن هذه التجارب هي ما "سبّب" ميولهم. هناك أيضًا كثير من المثليين الذين نشأوا في بيوت محبة ومستقرة ولم يتعرضوا لأي نوع من الأذى.
علينا أن نكون حذرين من التعميم، ومن ربط المثلية دائمًا بالاضطراب أو الألم. هذا التفكير يُنتج وصمة وظلم، ويمنع الكثيرين من عيش حياتهم بسلام مع أنفسهم ومع الله.
الله خلق كل شخص بقيمته الكاملة. الميول المثلية والعبور الجندري ليست خطأ يجب "شرحه"، بل واقع يمكن أن يُعاش بسلام ومحبة وكرامة.
الله خلق الجسد، ورأى أنه حسن. الجسد ليس عدوًّا للروح، بل هو جزء من الخليقة التي تجسّد فيها الله نفسه في يسوع المسيح. عندما نرفض أجسادنا أو رغباتنا، نرفض جزءًا من أنفسنا التي أحبها الله أولًا.
العار ليس من الله، بل من أصوات بشرية علّمتنا أن نربط الجسد بالخطيئة. لكن في الإيمان المسيحي، الجسد مكان لقاء مع الله — أجسادنا هي هياكل الله، والمفروض نعتني بيها ونتفهم احتياجاتها.
التصالح يبدأ بالاعتراف بأن مشاعرك ورغباتك جزء طبيعي من كونك إنسان. ماتخفش منها، لكن تعلّم أن تفهمها وتوجّهها بمحبة ونضج.
الله لا يريد منك أن تُنكر جسدك، بل أن تحبه وتكرّمه كما هو، لأنك مخلوق على صورته — بجسدك، وروحك، وهويتك، ومشاعرك.